محكمة العدل الدولية - (International Court of Justice (ICJ

اندلاع الحرب في سبتمبر 1939 كان له حتما عواقب وخيمة على محكمة العدل الدولية الدائمة (PCIJ)، التي كانت تعاني منذ عدة سنوات من انخفاض في مستوى نشاطها. بعد آخر جلسة علنية لها في 4 ديسمبر 1939 وأمرها الأخير في 26 فبراير 1940 ، لم تقم محكمة العدل الدولية الدائمة بالتعامل مع أي أعمال قضائية أخرى ولم تقم بأي إجراء انتخابات للقضاة، لذا كان يجب النظر في مستقبل المحكمة وإنشاء نظام سياسي دولي جديد. 

في 30 أكتوبر 1943، أصدرت الصين والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إعلانًا مشتركًا يعترف بضرورة إنشاء منظمة دولية عامة في أقرب وقت ممكن عمليًا، على أساس مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام، والمفتوحة لعضوية جميع هذه الدول، كبيرها وصغيرها، لصون السلم والأمن الدوليين. أدى هذا الإعلان إلى تبادلات بين القوى الأربع في دمبارتون أوكس (الولايات المتحدة)، وأسفر عن نشر مقترحات في 9 أكتوبر 1944 لإنشاء منظمة دولية عامة، لتشمل محكمة العدل الدولية، عُقد اجتماع بعد ذلك في واشنطن ، في أبريل 1945، للجنة من الحقوقيين يمثلون 44 دولة. تم تكليفها فيما بعد بإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية المستقبلية، وتقديمه إلى مؤتمر سان فرانسيسكو، الذي انعقد في الفترة من أبريل إلى يونيو 1945. 

وبما أن المحكمة كان من المقرر أن تكون الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، فقد ارتأى أنه من غير المناسب أن تشغل هذا الدور محكمة العدل الدولية الدائمة، لاسيما فيما يتعلق بصلتها بعصبة الأمم، التي كانت هي نفسها على وشك الحلّ. 

وإن إنشاء محكمة جديدة هو أكثر اتساقًا مع الحكم الوارد في الميثاق بأن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ستكون بحكم الواقع أطرافًا في النظام الأساسي للمحكمة ؛و سيسهل على الدول خارج أوروبا لتلعب دورًا أكثر تأثيرًا في المحكمة الجديدة. 

اجتمعت محكمة العدل الدولية الدائمة (PCIJ) للمرة الأخيرة في أكتوبر 1945 وقررت نقل أرشيفها وآثارها إلى محكمة العدل الدولية الجديدة، والتي كان مقرها، مثل سابقتها، في قصر السلام. أنشئت محكمة العدل الدولية (ICJ) بموجب ميثاق الأمم المتحدة الموّقع في سان فرانسيسكو بتاريخ 26 يونيو/حزيران عام 1945، و حُلت محل محكمة العدل الدولية الدائمة، و تقع في مدينة لاهاي في هولندا.

عمل محكمة العدل الدولية:

تتمثل مهمتها في تسوية النزاعات وحسم الخلافات القانونية التي تعرض عليها  والمقدمة من الدول الأعضاء، كما تقدم آراء استشارية وتصدر فتاوى غير إلزامية -إلا إذا اتفقت الدول المتنازعة سلفا على القبول بها-في المسائل القانونية المحالة إليها من قبل هيئات ووكالات دولية مخولة.

النظام الأساسي للمحكمة وهيكلها :

" تتشكل محكمة العدل الدولية من 15 قاضيا تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لولاية من تسع سنوات، و تجري انتخابات كل ثلاث سنوات على ثلث المقاعد، ويجوز إعادة ترشيح القضاة المتقاعدين، ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم بل هم قضاة مستقلون. ويجب أن تعكس تشكيلة المحكمة تمثيل الحضارات الرئيسية والأنظمة القانونية الأساسية في العالم ويمكن للدول فقط التقدم إلى المحكمة والمثول أمامها، ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي يحق لها ذلك 191 دولة."

" يتمتع أعضاء المحكمة في مباشرة وظائفهم بالمزايا والاعفاءات السياسية، ولا يجوز لهم تولي وظائف سياسية أو إدارية أو الاشتغال بأعمال من قبيل المهن.

كما يجوز للمحكمة أن تشكّل في أي وقت دائرة للنظر في قضية معينة وتحدد المحكمة عدد قضاة هذا الدائرة بموافقة الطرفين وكل حكم صادر من الدائرة يعد صادر من المحكمة ذاتها. 

وللإسراع في النظر بالقضايا تشكل كل سنة دائرة مؤلفة من خمسة قضاة، تتبع بناء على طلب أطراف الدعوى الإجراءات المختصرة للنظر في القضايا والفصل فيها.،حيث تضع المحكمة لائحة تبين كيفية قيامها بوظائفها كما تبين بصفة خاصة قواعد الإجراءات".

"أما الإجراءات فتشمل مرحلة التدوين التي ترفع وتتبادل فيها الأطراف الادعاءات، ومرحلة المشافهة وتتضمن الجلسات العلنية للاستماع للحجج التي يخاطب فيها الوكلاء والمستشارون المحكمة.

وبما أن اللغتين الرسميتين للمحكمة هما الإنجليزية والفرنسية، فإن كل مدون أو ملفوظ بإحدى اللغتين يترجم إلى اللغة الأخرى.

وبعد المتابعات الشفهية تتداول المحكمة سرا وتصدر حكمها في جلسة علنية، ويكون الحكم نهائيا وغير قابل للاستئناف، وإذا لم تذعن إحدى الدول المعنية للحكم فيجوز للطرف الآخر أن يلجأ إلى مجلس الأمن الدولي."